فصل: 10- قضاؤه:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.الوتر:


.1- فضله وحكمه:

الوتر سنة مؤكدة حث عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ورغب فيه.
فعن علي رضي الله عنه أنه قال: إن الوتر ليس بحتم كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر، ثم قال: «يا أهل القرآن أوتروا فإن الله وتر يحب الوتر».
قال نافع: وكان ابن عمر لا يصنع شيئا إلا وترا رواه أحمد وأصحاب السنن وحسنه الترمذي ورواه الحاكم أيضا وصححه.
وما ذهب إليه أبو حنيفة من وجوب الوتر فمذهب ضعيف.
قال ابن المنذر: لا أعلم أحدا وافق أبا حنيفة في هذا.
وعند أحمد وأبي داود والنسائي وابن ماجه أن المخدجي «رجل من بني كنانة» أخبره رجل من الانصار يكنى أبا محمد أن الوتر واجب، فراح المخدجي إلى عبادة بن الصامت فذكر له أن أبا محمد يقول: الوتر واجب.
فقال عبادة بن الصامت: كذب أبو محمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «خمس صلوات كتبهن الله تبارك وتعالى على العباد من أتى بهن لم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله تبارك وتعالى عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له» وعند البخاري ومسلم من حديث طلحة بن عبيدالله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم: «خمس صلوات كتبهن الله في اليوم والليلة» فقال الاعرابي: هل علي غيرها؟ قال: «لا. إلا أن تطوع».

.2- وقته:

أجمع العلماء على أن وقت الوتر لا يدخل إلا بعد صلاة العشاء وأنه يمتد إلى الفجر.
فعن أبي تميم الجيشاني رضي الله عنه أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم جمعة فقال: إن أبا بصرة حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الله زادكم صلاة، وهي الوتر فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر» قال أبو تميم: فأخذ بيدي أبو ذر فسار في المسجد إلى أبي بصرة رضي الله عنه فقال: أنت سمعت رسول الله يقول ما قال عمرو؟ قال أبو بصرة: أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أحمد بإسناد صحيح.
وعن أبي مسعود الانصاري رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر أول الليل وأوسطه وآخره. رواه أحمد بسند صحيح.
وعن عبد الله بن أبي قيس قال سألت عائشة رضي الله عنها عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: ربما أوتر أول الليل وربما أوتر من آخره، قلت: كيف كانت قراءته، أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟ قالت: كل ذلك كان يفعل، وربما أسر وربما جهر، وربما اغتسل فنام وربما توضأ فنام «تعني في الجنابة» رواه أبو داود.
ورواه أيضا أحمد ومسلم والترمذي.

.3- استحباب تعجيله:

لمن ظن أنه لا يستيقظ آخر الليل، وتأخيره لمن ظن أنه يستيقظ آخره:
يستحب تعجيل الصلاة الوتر أول الليل لمن خشي أن لا يستيقظ آخره، كما يستحب تأخيره إلى آخر الليل لمن ظن أنه يستيقظ آخره.
فعن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من ظن منكم أن لا يستيقظ آخره أي الليل فليوتر أوله ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل محضورة وهي أفضل» رواه أحمد ومسلم والترمذي وابن ماجه.
وعنه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابي بكر: «متى توتر؟». قال: أول الليل بعد العتمة قال: «فأنت يا عمر» قال: آخر الليل.
قال: «أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالثقة وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة» رواه أحمد وأبو داود والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.
وانتهى الأمر برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنه كان يوتر وقت السحر لأنه الافضل كما تقدم.
قالت عائشة رضي الله عنها: من كل الليل قد أوتر النبي صلى الله عليه وسلم من أول الليل وأوسطه وآخره فانتهى وتره إلى السحر رواه الجماعة.
ومع هذا فقد وصى بعض أصحابه بألا ينام إلا على وتر أخذا بالحيطة والحزم.
وكان سعد بن أبي وقاص يصلي العشاء الاخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يوتر بواحدة ولا يزيد عليها.
فقيل له: أتوتر بواحدة لا تزيد عليها يا أبا اسحق؟ قال: نعم..إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «الذي لا ينام حتى يوتر حازم» رواه أحمد ورجاله ثقات.

.4- عدد ركعات الوتر:

قال الترمذي: روي عن النبي صلى الله عليه وسلمالوتر بثلاث عشرة ركعة، وإحدى عشرة ركعة، وتسع، وسبع، وخمس، وثلاث، وواحدة.
قال إسحق بن إبراهيم:
معنى ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة ركعة أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر، يعني من جملتها الوتر فنسبت صلاة الليل إلى الوتر.
ويجوز أداء الوتر ركعتين، ثم صلاة ركعة بتشهد وسلام، كما يجوز صلاة الكل بتشهدين وسلام، فيصل الركعات بعضها ببعض من غير أن يتشهد إلا في الركعة التي هي قبل الاخيرة فيتشهد فيها ثم يقوم إلى الركعة الاخيرة فيصليها ويتشهد فيها ويسلم، ويجوز أداء الكل بتشهد واحد وسلام في الركعة الاخيرة، كل ذلك جائز وارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن القيم: وردت السنة الصحيحة الصريحة المحكمة في الوتر بخمس متصلة، وسبع متصلة.
كحديث أم سلمة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع وبخمس لا يفصل بسلام ولا بكلام رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بسند جيد، وكقول عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة، يوتر من ذلك بخمس لا يجلس إلا في آخرهن. متفق عليه، وكحديث عائشة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يصلي التاسعة ثم يقعد ويتشهد ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد فتلك إحدى عشرة ركعة فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه اللحم أوتر بسبع وصنع في الركعتين مثل صنيعه في الأول.
وفي لفظ عنها: فلما أسن وأخذه اللحم أوتر بسبع ركعات لم يجلس إلا في السادسة والسابعة، ولم يسلم إلا في السابعة.
وفي لفظ: صلى سبع ركعات لا قعد إلا في آخرهن. أخرجه الجماعة، وكلها أحاديث صحاح صريحة لا معارض لها سوى قوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى مثنى» وهو حديث صحيح، لكن الذي قاله هو الذي أوتر بالسبع والخمس، وسننه كلها حتى يصدق بعضها بعضا.
فالنبي صلى الله عليه وسلم أجاب السائل عن صلاة الليل بأنها مثنى مثنى ولم يسأله عن الوتر.
وأما السبع والخمس والتسع والواحدة فهي صلاة الوتر، والوتر اسم للواحدة المنفصلة مما قبلها، وللخمس والسبع والتسع المتصلة كالمغرب اسم للثلاثة المتصلة، فإن انفصلت الخمس والسبع بسلامين كالاحدى عشرة كان الوتر اسما للركعة المفصولة وحدها.
كما قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى فإذا خشي الصبح أوتر بواحدة توتر له ما قد صلى» فاتق فعله صلى الله عليه وسلم وقوله وصدق بعضه بعضا.

.5- القراءة في الوتر:

يجوز القراءة في الوتر بعد الفاتحة بأي شيء من القرآن، قال علي: ليس من القرآن شيء مهجور فأوتر بما شئت.
ولكن المستحب إذا أوتر بثلاث أن يقرأ في الأولى بعد الفاتحة {سبح اسم ربك الاعلى} وفي الثانية {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة {قل هو الله أحد} والمعوذتين.
لما رواه أحمد وأبو داود والترمذي وحسنه، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعة الأولى ب {سبح اسم ربك الاعلى} وفي الثانية ب {قل يا أيها الكافرون} وفي الثالثة ب {قل هو الله أحد} المعوذتين.

.6- القنوت في الوتر:

يشرع القنوت في الوتر في جميع السنة، لما رواه أحمد وأهل السنن وغيرهم من حديث الحسن بن علي رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر: «اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، وإنه لاى ذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، وصلى الله على النبي محمد».
قال الترمذي: هذا حديث حسن.
قال: ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء أحسن من هذا.
وقال النووي: إسناده صحيح، وتوقف ابن حزم في صحته، فقال هذا الحديث وإن لم يكن مما يحتج به فإنا لم نجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره والضعيف من الحديث أحب إلينا من الرأي، قال ابن حنبل وهذا مذهب ابن مسعود، وأبي موسى، وابن عباس، والبراء، وأنس، والحسن البصري، وعمر بن عبد العزيز، والثوري، وابن المبارك، والحنفية، ورواية عن أحمد.
قال النووي: وهذا الوجه قوي في الدليل.
وذهب الشافعي وغيره إلى أنه لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، لما رواه أبو داود أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب وكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت إلا في النصف الباقي من رمضان.
وروى محمد بن نصر أنه سأل سعيد بن جبير عن بدء القنوت في الوتر فقال: بعض عمر بن الخطاب جيشا فتورطوا متورطا خاف عليهم، فلما كان النصف الاخر من رمضان قنت يدعو لهم.

.7- محل القنوت:

يجوز القنوت قبل الركوع بعد الفراغ من القراءة، ويجوز كذلك بعد الرفع من الركوع، فعن حميد قال: سألت أنسا عن القنوت قبل الركوع أو بعد الركوع؟ فقال كنا نفعل قبل وبعد. رواه ابن ماجه ومحمد بن نصر.
قال الحافظ في الفتح: إسناده قوي.
وإذا قنت قبل الركوع كبر رافعا يديه بعد الفراغ من القراءة وكبر كذلك بعد الفراغ من القنوت، روي ذلك عن بعض الصحابة.
وبعض العلماء استحب رفع يديه عند القنوت وبعضهم لم يستحب ذلك.
وأما مسح الوجه بهما فقد قال البيهقي: الأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما فعله السلف رضي الله عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة.

.8- الدعاء بعده:

يستحب أن يقول المصلي بعد السلام من الوتر: سبحان الملك القدوس ثلاث مراتى رفع صوته بالثالثة ثم يقول: رب الملائكة والروح، لما رواه أبو داود والنسائي من حديث أبي بن كعب قال: كانر سول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر ب {سبح اسم ربك الاعلى} و{قل يا أيها الكافرون} و{قل هو الله أحد}.
فإذا سلم قال: سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، يمد بها صوته في الثالثة ويرفع. وهذا لفظ النسائي.
زاد الدار قطني، ويقول: رب الملائكة والروح، ثم يدعو بما رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره.
«اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا أحصي ثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك».

.9- لا وتران في ليلة:

من صلى الوتر ثم بدا له أن يصلي جاز ولا يعيد الوتر.
لما رواه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن علي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «لا وتران في ليلة».
وعن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلي ركعتين بعد ما يسلم وهو قاعد، رواه مسلم.
وعن أم سلمة: أنه صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس، رواه أحمد وأبو داود والترمذي وغيرهم.

.10- قضاؤه:

ذهب جمهور العلماء إلى مشروعية قضاء الوتر لما رواه البيهقي والحاكم وصححه على شرط الشيخين عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا أصبح أحدكم ولم يوتر فليوتر».
وروى أبو داود عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من نام عن وتره أو نسيه فليصله إذا ذكره» قال العراقي إسناده صحيح.
وعند أحمد والطبراني بسند حسن: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر.
واختلفوا في الوقت الذي يقضى فيه، فعند الحنفية يقضى في غير أوقات النهي، وعند الشافعية يقضى في أي وقت من الليل أو من النهار، وعند مالك وأحمد يقضى بعد الفجر ما لم تصل الصبح.
القنوت في الصلوات الخمس يشرع القنوت جهرا في الصلوات الخمس عند النوازل، فعن ابن عباس قال: قنت الرسول صلى الله عليه وسلم شهرا متتابعا. في الظهر والعصر، والمغرب، والعشاء والصبح في دبر كل صلاة إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الاخيرة: يدعو عليهم، على حي من بني سليم وعل رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه رواه أبو داود وأحمد، وزاد: أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام فقتلوهم.
قال عكرمة: كان هذا مفتاح القنوت: وعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحد أو يدعو لاحد قنت بعد الركوع.
فربما قال، إذا قال سمع الله لمن حمده: ربنا ولك الحمد: «اللهم أنج الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشام، وعياش بن أبي ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين. اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف» قال يجهر بذلك ويقولها في بعض صلاته، وفي صلاة الفجر «اللهم ألعن فلانا وفلانا» حيين من أحياء العرب حتى أنزل الله تعالى: «ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون» رواه أحمد والبخاري.